الأحد، 20 سبتمبر 2015

الجمل العطشان

قصة قصيرة للأطفال قبل النوم ��

الجمل العطشان


بينما ارتفعت الشمس خلف المسجد الكبير في وسط مدينة الحجر البيضاء، كان أمير يضع آخر ما تبقى من الأكياس المحاكة والمصنوعة من صوف الغنم على سنام جمله .


كانت السماء تشتعل من الحرارة بألوان حمراء، زهرية وبنفسجية وبرتقالية.

نظر الجمل  إلى السماء ليرى جمال ألوانها صباحاً، ونظر إلى سنامه المحمل بالأكياس.

كل كيس مليء بالبهارات والزيوت العطرية والحجار الثمينة.

كلها سيحملها مع صاحبه إلى القرية البعيدة خلف الصحراء الحارقة.

بدأ صاحبه بربط قوارير الجلد المليئة بالماء البارد ثم صعد ليجلس.

ركل جمله ليبدأ السير، وبدأت الرحلة باتجاه الصحراء الملونة التراب تاركان أشجار النخيل التي تملأ الواحة.


تمنى حينها الجمل  لو أنه شرب المزيد من الماء قبل ترك المكان؛ فقد كان يشعر بالعطش.

كانت شمس هذا الصيف حارقة مسلطة عليهما، خلال هذا الوقت تناول أمير الماء العذب المنعش ليشرب عدة مرات.

عادة لا يحتاج الجمل للشرب بشكل متكرر، ولكن  لم يكن كغيره من الجمال، كان دائم العطش.

وفي كل مرة يشرب فيها أمير، تمنى الجمل لو أنه يتمكن من الحصول على بعض هذا الماء البارد.

كانت الشمس تسطع على كل جوانبه فيشعر بحر شديد، ولهذا فقد كان ينتظر اللحظة التي يبتعد فيها نظر أمير فيتناول  الماء بلا أن ينتبه صاحبه.


بعد أن سارا لساعات متعددة، أصبح  في حالة شديدة من العطش حتى لم يعد يقوى على التحمل، فهو يحتاج إلى الشرب بشكل ملحّ. ولشدة تفكيره بكيفية الحصول على الماء من غير أن ينتبه رفيقه، لم ينتبه للحجر الكبير الذي اعترض طريقه، فتعثر فيه وسقط فوقه على ركبه فسقط أمير عن ظهره بقوة. بقي أمير مدة كافية ووجهه في التراب، فتمكن  من تناول الماء والشرب وإعادته بسرعة قبل أن ينتبه صاحبه.وقف أمير ونظف ملابسه ووجهه وشعره من التراب وتوجه إلى جمله ، انتبه إلى وجود الحجر وعرف أن جمله تعثر، هز رأسه ثم صعد مرة أخرى على ظهر .

تبسم  ابتسامة يعرفها الجمال ومضى في سيره باتجاه القرية.


كانت الشمس عالية في السماء والحرارة لا تطاق، فكان أمير يبرد الهواء حول وجهه بمروحة ورقية، ولكن المسكين  لم يشعر إلا بحرارة أكبر وعطش أعظم.

كان ينظر إلى أمير ولعابه يسيل وهو يراه يتناول الماء العذب من قارورة الجلد. أغلق عينيه وأكمل سيره وهو يتخيل وسط ماء بارد يخفف حرارته ويرطب فمه.


عندما فتح عينيه ونظر إلى أمام قدميه، توقف فجأة وصرخ بصوت يثقب الآذان وطار صاحبه عن ظهره مرة أخرى، تراجع  للخلف، فقد كان أمامه ثعبان كبير يتلوى ويسير وسط الرمال، يكره الثعابين بشدة ويخافها.


تنبه  إلى صاحبه المغطى بالرمال، وهروب الثعبان، فأسرع بأخذ الماء والشرب منه حتى ارتوى ثم أعاد القارورة مكانها قبل أن يقف صاحبه مرة أخرى وهو يشتاط غضباً.


نظر أمير حوله ليرى إن كان هناك حجراً آخراً، ولكنه رأى الثعبان، فعذر صاحبه الجمل، نظف نفسه وعاد ليجلس على ظهر  وإكمال المسير.


مرت ساعات أخرى والشمس لا تزال بحرارة لا ترحم.

من بعيد، رأى  القرية، شعر بالسعادة فالماء قريب.

بدأ بتخيل نفسه وسط ماء بارد منعش يبرد جسده ويرويه من عطشه، سيشرب الكثير من جالونات الماء.

وبينما هو سارح في خياله، وجد نفسه يضرب رأسه بقوة بنخلة مما سبب له ورما في رأسه، وليطير على إثرها صاحبه للمرة الثالثة عن ظهره.

أخذ  القارورة مرة أخرى ليشرب ما تبقى بها ثم إعادتها مرة أخرى. أمير كان في منتهى الغضب حينها؛ وقف أمام مشككاً بنواياه، ثم انتبه إلى النخلة أمامه.


هز رأسه وصعد على ظهر  وأكمل المسير. تناول الماء ليجده فارغاً تماماً.

ابتسم  ابتسامة الجمال وأكمل سيره.أخيراً وصلا إلى القرية في وسط واحدة مليئة بأشجار التمر اللذيذ، والأعشاب الطيبة، وأشجار الفاكهة والورود العطرة.



رأى  البحيرة الصغيرة في وسط القرية، شعر حينها بعطش كبير. أنزل أمير أحماله من البهارات والزيوت والأحجار الثمينة عن ظهر الجمل  وأخذها إلى السوق ليبيعها.



سار  مهرولاً إلى الماء ودخله وبدأ بالقفز داخله، كان في منتهى السعادة، لم يعد ، الجمل العطشان.


كان يشعر ببرودة منعشة ونظافة.

ثم تذكر أنه سيعود إلى المدينة عابراً الصحراء الحارقة، فشرب وشرب، ثم شرب وشرب حتى لم يعد هناك أي مكان لقطرة أخرى في معدته.


عاد أمير يبحث عنه، تناول لجامه ثم عادا يعبران الصحراء، ولكن  لم يعد يشعر بأي عطش ولم يشعر بأي تعب.

لاتنسوا قراءة القرآن الكريم والأذكار قبل النوم والأذكار

خدمة ماماشجعيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقولات بقلمي مي مدونة

 مقولات بقلمي – مدوّنة ميّ https://www.maioona.com/byme